ملوك المغرب , الشغل و العمل في المغرب, المملكة المغربية , اخبار المغرب , تاريخ المغرب , مواقع انترنت خاصة بالمغرب , Maroc , Morocco , Maroko , Maroucos , Almaghrib
لطالما سمعنا أو اضطررنا لسماع هذه المقولة الشهيرة وهم يردّدونها على مسامعنا في أجهزة الرّاديو وعلى شاشات التلفاز، وسمعناها حتّى من منابر السياسيين ومن أفواه الذين كادوا أن يكونوا رسلا، وقرأناها أيضا على صفحات الجرائد والمجلاّت. ولكن السّؤال المطروح والذي ظلّ يشغل بالي منذ سنوات عديدة، ولنقل منذ أن رأت عيناي النور هو: أحقّا يدركون ما يقولون؟ هل يصدّقون ذلك؟ أم أنهم يضحكون على أمّة ضحكت من جهلها الأمم؟المغرب بلد جميل هذا أمر لا يختلف فيه اثنان. ولكن أن نقول أن المغرب أجمل بلد في العالم فهذا أمر غير مفهوم وسيختلف فيه اثنان وثلاثة وأربعة. ومن لديه رأي مغاير فليحاول أن يقنعني.لقد عشت مع هذه المقولة ذكريات وذكريات. فمنذ الصّغر وأنا أحاول فكّ رموز هذه المقولة، ولكن صدّقوني، دون جدوى. كنت أحاول أن أقنع نفسي أني مازلت صغيرا ولا أعرف شيئا في هذه الحياة، ولربما تكون الأمور مغايرة. كنت أمنّي النفس أن أكون مخطئا. لكنّي عندما كبرت وتعلّمت ونضجت وعرفت بعض أسرار الحياة، اصطدمت بالحقيقة المرّة وبالواقع المعاش، وأدركت أنني كنت على صواب: المغرب ليس أجمل بلد في العالم.المغرب يعيش أزمة حقيقية، وهذه الأزمة ليست وليدة اليوم أو وليدة الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. المغرب يتخبط في أزمة منذ عقود. ستتساءلون عن المسؤول؟ هنا سيسارع العديد منا، وإن لم نقل الكلّ، إلى تحميل حكومة فلان أو علاّن مسؤولية انتشار الفساد وارتفاع نسبة البطالة وتردّي الأوضاع الصحية والمستوى التعليمي وتفاقم هجرة العقول إلى الخارج وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وتشرّد مئات المواطنين بسبب الفيضانات و… ولنا الحقّ في ذلك، فلهذا الغرض يتم التّصويت عليهم وانتخابهم. ليسيّروا بلادنا بضرائبنا. وليحسّنوا من مستوانا المعيشي. ولكن ما نغفله، أو نتغافله، هو أننا نحن أيضا مسؤولون عن هذه الوضعية التي وصلنا إليها. كيف؟إذا تمعننا قليلا في تركيبة الإدارة المغربية منذ الاستقلال سنلاحظ أنها تكونّت، في معظم الأحيان، من مواطنين مغاربة وصلوا إلى سدّة الحكم عن طريق مواطنين مغاربة صوّتوا عليهم وشهدوا فيهم شهادة حقّ. ماذا يعني هذا؟ هذا يعني أنّنا نحكم أنفسنا بأنفسنا. فإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة سنجد أن ملايين من المواطنين المغاربة تعاقبوا على تقلّد مناصب ووظائف في الإدارة المغربية منذ الاستقلال. ومع ذلك لم يتغير شيء. أين المشكل إذن؟صحيح أن واقع وطننا الغالي هو مغاير تماما لما يسخّرون له ويتغنّون به، فواقع المغرب والمغاربة لم يتغير في شيء رغم الشعارات والخطابات التي يقصفون بها مسامعنا ليل نهار. فهم يقولون ولا يفعلون، يعدون ولا يوفون، يتكلّمون ولا يصدقون، يأخذون ولا يعطون. ولكننا نحن أيضا نتحمّل مسؤولية هذا التدهور، رغم أنّنا نحاول دائما إنكار ذلك، لأنّنا دائما نحاول أن نتهرّب من مشاكلنا ونحمّل مسؤوليتها تارة للزّمن وتارة للأقدار وتارة للإدارة المغربية. بالطّبع، فهكذا يكون الأمر أسهل علينا ولا نضطرّ لمواجهة ضمائرنا. مشكلنا هو في تفكيرنا.إننا نعاني من أزمة تفكير. فلم نعد نتهّرب من مسؤولياتنا فقط، بل أصبحنا نجرّد أنفسنا من الأخطاء التي نرتكبها بأيدينا، وعندما يسألنا أحد عن سبب تصرفنا الخاطئ هذا، نجيبه بلا تفكير: الزّمن تغيّر. نتجرّد من معاني الإنسانية ونرمي عرض الحائط كل القيم والأخلاق ونحمّل المسؤولية للزّمن. أحقّا الزّمن هو الذي تغيّر أم أنّ نفوسنا وضمائرنا هي التي تتغيّر؟إنّنا أمام وضع معقّد، لقد أصبح كلّ واحد منّا يفكّر في نسله وحرثه أكثر ممّا يفكّر في مستقبل وطنه. وبهذه الكيفية، من الطبيعي أن تتراجع بلادنا إلى الوراء. لقد تخلّينا عنها وتركناها للأقدار. مغربنا كان أوسع ! مغربنا كان أنظف ! مغربنا كان أكثر احتراما !إن النّهوض بهذه البلاد إلى الأمام من جديد هي مسؤوليتنا جميعا، لذا علينا العمل على زرع روح المحبّة في نفوس أجيالنا القادمة ونبذ كل الخلافات العرقية والقبلية التي قد تشكّل عائقا أمام تقدّمنا وازدهارنا كما يتوجّب علينا أن نتفهم أنه لا مفرّ من مراجعة أوراقنا وتوحيد صفوفنا والعمل جنبا إلى جنب، شعبا وإدارة، من أجل مغرب حضاري ونزيه ونظيف وعادل، يتساوى فيه الفقير والغني، في الحقوق وفي الواجبات. ذلك إن أردنا الرّقي والازدهار.. إن تقدّم الأوطان والنّهوض بها إنما هو أداء جماعي وجهد مشترك.عندها فقط يمكننا أن نقول أنّ المغرب هو أجمل بلد في العالم.