غادرنا الشيخ عبد السلام ياسين إلى دار البقاء بعد مسيرة حافلة
ومتميزة، استطاع من خلالها أن يحفر اسمه في تاريخ الحركة الإسلامية كمربّ
ومنظر ليس من المبالغة القول بأن من النادر أن يجود الزمن بمثله.
غادر
الشيخ ياسين مُخلّفا وراءه إرثا كبيرا وجماعة كبيرة أيضا، أسس لها ووحد
صفها خلف ما ألفه في أمور الدعوة والدولة، حتى صارت وفق المهتمين أكبر
تجمع معارض في المغرب، ولم يثنه كل ما قيل فيه وفي جماعته عن مواصلة السير
في الطريق التي رسمها لنفسه، ودل إليها من اختاروا منهاجه دليلا في
التربية والتنظيم والزحف.
غادر عبد السلام ياسين بعد أن أرسى
دعائم مدرسة دعوية وسياسية تجاوزت حدود الوطن، وأعطى المثال الحي على أن
المغاربة ما يزالون أوفياء للنبوغ، وسيذكر له التاريخ رغم اختلاف الكثيرين
مع خياراته، أنه ظل واقفا في مكانه وظل ثابتا على مواقفه ولم يبدل تبديلا.
بوفاة
الشيخ ياسين يكون المغرب قد ودع رجلا من رجالاته وداعية من دعاته وسياسيا
من ساسته، وسيُكتب له أنه لم يتبرأ يوما من وطنه، ولم يشمت فيه مهما بلغ
حجم ما قيل عنه حصارا فرض عليه.
|