التشامير والشقة زي الرقصةيرتدى المشاركون لرقصة «أحواش» بدلة احتفالات الأعياد المميزة لتراث القبيلة المنظمة للرقصة، فالرجال يلبسون الجلباب المغربي الأصيل، و «تشامير» والعمامة البيضاء، ويتقلدون الخنجر الفضي الناصع، و «أقراب»، محفظة جلدية مرصعة بالحرير كان المغاربة القدامى يضعون فيها النقود بداية القرن التاسع عشر، بينما تتزين العذارى بالحلي التقليدية، المتكونة من قطع الفضة والذهب المسبوك، وعقد كرات اللوبان.وعند بداية رقصة «أحواش» يبدأ صفا الرجال والبنات في التمايل يميناً وشمالا، ويكون مطلع أهازيجها الأول ذكر الله وخاتم الأنبياء، ثم مكة والمدينة وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وينطلقون في الرقص بتحريك الأطراف العلوية والأكتاف، بسرعة متناغمة مع ألة «البندير» الإيقاعية، وحنحنات الرباب، ونقر الإيقاعي يرن به عازف بشوش على الدوام، ينقر قطعة حديد، والكل منسجم في اغنية ترحيب بالحاضرين: «مارحبا يالالة، مارحبا ياسيدي..»، وأبناء القبيلة شبابا وعذارى، يرقصون «أحواش» بحركات اهتزاز رياضي متناسق.«تحيحيت» صعدت به المنصاتبعد ان كانت رقصة أحواش ترقص في الهواء الطلق وسط «الفدادين»، او داخل اسوار شيخ القبيلة العالية، جاءت «الرايسة تحيحيت»، البنت الأمازيغية المنحدرة من قبائل سوس ماسة درعة ، واخرجت «أحواش» من حدود القبيلة للسفر به الى مسارح المدن المغربية، والعواصم العربية والأوروبية، وشاركت به في مهرجانات الأغنية، والملتقيات الثقافية، ورسخته فنا امازيغيا مغربيا اصيلا، وانفتحت به على العالم رافدا فياضا من روافد الفلكلور المغربي، الى جانب «عبيدات الرمى» و «الزاياني» والأهازيج و«العيطة الرصاوية» و «الأمداح» و «الملحون»، وغيرها من انماط وانواع فنون الفلكلور المغربي، فاستطاعت «تحيحيت» باجتهادها ومثلها «الرايسة تابعمرانت»، جعل رقصة «أحواش» تنسجم مع الأغنية «الشلحاوية» العصرية، لتصبح مكونا اساسيا من مكونات الأغنية المغربية المعاصرة، الناطقة باللهجة الأمازيغية، فسارت بذلك على اثر الفنان الأمازيغي الملهم «الرايس الحاج بلعيد» رحمة الله عليه.واضحت الفنانة «تحيحيت» مع بداية كل سهرة تشارك فيها، سواء داخل المغرب او خارجه، تحرض البنات الراقصات بأغانيها ذات الإيقاع الراقص، على تحية الجمهور والترحيب به، وما يصاحب ذلك من نغمات الأغنية بالصوت الأنثوي الجمهوري المعروف بـ «هيهاته» الرقيقة، التي تقشعر لها ابدان الأمازيغ، فالغناء لايمنع «الرايسة» من اداء رقصات فردية وجماعية من حين لآخر، تظهر بها «تحيحيت» إمكانياتها الفنية الاحترافية التي لاتخلو من فتنة ومهنية.حنحنات الرباب السوسيما يميز السهرات الغنائىة التي تنشطها «تحيحيت» كون «الرايسة» تقوم بتقديم أشكال رقص متناسق يتسم بالحياء، تحاكيها فيه راقصات مجموعتها بأوضاع متنوعة واساليب يوظفن خلالها اجسادهن بسرعة وإبداع، فينبهر الجمهور، مثلما تفعل برقصة «دائرة الهايت» الأمازيغية، ونظيرتها رقصة اغصان شجرة الأركان، وكلتاهما رقصتان تتحرك لها اطراف اجساد الراقصات وهن منسجمات في وحدة حركة وقوفا وقعودا حيث ترقص الفتاة مع ايقاع الاغنية التي يصاحبها الرقص، والاهتزاز من اصابع الأيدي المتناغمة مع «حنحنات» اوتار «الرباب السوسي» وايقاعات موسيقاه التي تكاد، مع الرقص ان تسافر بالألباب في رحلة شوق الى العزيز الغائب، ويساعد في استحضار ذلك الحنين، صوت «تحيحيت» وهي تصدح مغنية: «واهلي واهلي أتايري»، معناه في اللسان العربي: «اينك اينك ياحب ياعشق».وتستمر الكلمات الشاعرية التي تقتبسها «تحيحيت» مرة من التراث الأمازيغي الشفاهي والمكتوب، ومرات تبدعها هي من ذاتها، وهكذا يستمر الطرب الشلحاوي، ويستمر اللفظ الحلو في مد أجساد الراقصات المبتهجات بالطاقة والحيوية، فيستمررن في الاهتزاز الراقص الذي يشد اليه الجمهور بسحره المعلن على زيهن التراثي الأمازيغي الجميل، الذي فصل وصمم على مقاسهن بفنية وجمالية متناسقة والموشح بـ «الزواقات» و «الصماقات» الملونة التي تصدر بريقا لامعا يتراقص مع الأضواء، بينما «تحيحيت» تشارك الراقصات رقصهن من حين لآخر، خصوصا اذا ما اقتربت الأغنية من نهايتها، ولا يخلو رقصهن من الاستعانة بالتصفيق لكسر روتين الأغنية.
|